(٧) (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) أي ولم يجعلنى جبارا مستكبرا عن عبادته ، ولا شقيا
بعقوق والدتي وعدم البر بها.
(٨) (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ
أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) أي والأمنة من الله علىّ ، فلا يقدر أحد على ضرّى فى
هذه المواطن الثلاثة التي هى أشق ما تكون على العباد.
واعلم أن
اليهود والنصارى ينكرون أن عيسى عليه السلام تكلم فى المهد ، واحتج النصارى على
ذلك بأن هذا من الأحداث التي لو وجدت لتوافرت الدواعي على نقلها تواترا ، لأنه من
المناقب السامية ، والفضائل التي لها الميزة العظمى بين الناس ، ولما لم يعرف ذلك
لدينا مع تتبعنا لفضائله ، وشدة بحثنا عن الجليل والحقير من أحواله ـ علمنا أنه لم
يوجد ؛ وأيضا فاليهود أظهروا عداوته حين ادعى النبوة ، فلو أنه تكلم إذ ذاك لكانت
عداوتهم له أشد ، ولكان تحيلهم فى قتله أعظم ، ومن حيث لم يحصل شىء من هذا علمنا
أنه لم يتكلم.
والمسلمون يقولون
: كفى إثباتا لذلك نص القرآن القاطع ـ إلى أن العقل يرشد إليه ، إذ لو لا كلامه
الذي دلهم على براءة أمه من الزنا لما تركوا الحد عليها ، وربما كان الحاضرون حين
كلامه عددا قليلا ؛ ومن ثم لم يشتهر بينهم ، وربما لم يحضر اليهود كلامه ، ولم
يسمعوا به.